القرن الـ 21- صراع العمالقة بين أمريكا والصين

المؤلف: حسين شبكشي10.26.2025
القرن الـ 21- صراع العمالقة بين أمريكا والصين

تتواصل النقاشات المحتدمة بين صفوة المحللين والخبراء السياسيين والاقتصاديين، في محاولة جادة لاستشراف مستقبل القوة المهيمنة في القرن الحادي والعشرين، والسؤال الجوهري الذي يشغل أذهانهم: لمن ستؤول صدارة هذا القرن؟ تبدو المنافسة الشرسة منحصرة بشكل أساسي بين قطبين عالميين هما: الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

يمتلك الكاتب والباحث الأمريكي المرموق، جوزيف ناي، رؤية ثاقبة في هذا الصدد، حيث يؤكد البروفيسور بجامعة هارفارد العريقة أن الولايات المتحدة تمتلك فرصة ذهبية لتعزيز تفوقها وتوسيع الفجوة بينها وبين الصين. ويستند في رأيه إلى حجج دامغة ومعطيات بالغة الأهمية، أبرزها أن حجم الاقتصاد الأمريكي مع انقضاء الربع الأول من القرن الحالي قد بلغ 22 تريليون دولار، بينما يقل حجم الاقتصاد الصيني عن 14 تريليون دولار. علاوة على ذلك، يشير ناي إلى أن معدلات النمو الاقتصادي في الصين قد شهدت انخفاضًا ملحوظًا، ومن غير المرجح عودتها إلى مستويات النمو القياسية السابقة. يضاف إلى ذلك تحدٍ آخر بالغ الأهمية يتعلق بقطاع الطاقة، فالولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بميزة كبيرة في هذا المجال، حيث تقوم بإنتاج وتصدير الغاز والنفط، وتمتلك أحدث التقنيات في مجال الطاقات البديلة والمتجددة، بينما تعتمد الصين بشكل كبير على استيراد كافة احتياجاتها من الطاقة، مما يجعلها أسيرة لظروف وعوامل خارجية لا تملك السيطرة عليها.

بالإضافة إلى ذلك، يلفت جوزيف ناي الانتباه إلى عامل حاسم آخر، وهو أن الاقتصاد المستقبلي سيقوم على أربعة دعائم أساسية هي: ميكانيكا الكم، والحاسبات الآلية الكمية، والتقنية العضوية، والذكاء الاصطناعي. وفي هذه المجالات، تتمتع أمريكا بتفوق واضح وريادة لا يمكن إنكارها، وتتقدم على الصين بأشواط شاسعة.

بالمقابل، يرى بعض المدافعين عن الاقتصاد الصيني أن الصين تمتلك إمكانات وقدرات هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن هذه الإمكانات لا تحظى بالتقدير والاحترام الكافيين، ولا يتم أخذها في الاعتبار بالقدر المطلوب.

وعلى الجانب الآخر من هذا الجدل المحتدم، يبرز المدافعون عن نموذج الأعمال الصيني، وعلى رأسهم الدبلوماسي والأكاديمي والمؤلف السنغافوري الشهير، كيشور مهبوباني، صاحب الكتاب ذائع الصيت "هل فازت الصين؟"، والذي يرى فيه أن أمريكا لم تعد القوة الاقتصادية التي لا تقهر، وأن اقتصادها لم يتعافَ تمامًا بعد الأزمة المالية العميقة والعنيفة التي عصفت بها في عام 2008.

ويضيف مهبوباني أن أمريكا، منذ تلك اللحظة المفصلية، بدأت في تبني سياسات اقتصادية متطرفة، تشتمل على إجراءات تعسفية وسياسات حمائية وعقوبات ورسوم جمركية مشددة، مما يهدد انسيابية السوق المفتوحة والتجارة الحرة.

ويدافع مهبوباني عن الاقتصاد الصيني، مشيرًا إلى أن التراجع الملحوظ والمتسارع للاقتصاد الأوروبي أثر بشكل غير مباشر على الاقتصاد الأمريكي، وكان ذلك في صالح الاقتصاد الصيني. ويستدل على ذلك بصناعة السيارات، التي أصبحت الصين فيها المصنع الأول في العالم، وهو دليل قاطع على التحول الكبير الذي يصب في مصلحة الصين. مما لا شك فيه أن الحرب الاقتصادية القادمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين لن تكون باردة على الإطلاق، بل ستزداد حدتها بشكل ملحوظ مع مرور الوقت، بحيث يصبح التصادم أمرًا لا مفر منه.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة